كيف تساعد التغذية العلاجية في رفع مناعة النبات والتخلص من الشوارد الحرة الضارة

الشوارد الحرة هي جزيئات تحتوي على إلكترونات غير متزاوجة مما يجعلها شديدة التفاعل مع المكونات الخلوية الأخرى. 

في النباتات تتكون الشوارد الحرة خلال العمليات الحيوية الطبيعية مثل التمثيل الضوئي والتنفس الخلوي أو كنتيجة للإجهادات البيئية مثل الإجهاد الحراري و المائي والإجهاد الناتج عن الأمراض. 

تسبب الشوارد الحرة أضرارًا واسعة تشمل تدمير الأنسجة النباتية و تعطيل الأغشية الخلوية وتأثير سلبي على عملية التمثيل الغذائي.

إذن، كيف يمكن تقليل تأثير هذه الشوارد الحرة؟ 

الإجابة تكمن في تحسين المناعة الطبيعية والمكتسبة للنبات من خلال التغذية العلاجية وهي استراتيجية قائمة على تحسين صحة النباتات عبر تزويدها بالعناصر الغذائية التي تساهم في تقليل الأضرار الناتجة عن الشوارد الحرة وزيادة قدرة النباتات على التحمل.

ما هي الشوارد الحرة وكيف تتكون؟

الشوارد الحرة في النباتات تتشكل بشكل طبيعي خلال العمليات الحيوية .

ولكن في الظروف البيئية القاسية مثل الجفاف أو الحرارة الزائدة يزيد إنتاج الشوارد الحرة بشكل كبير .

 تشمل هذه الشوارد مركبات الأكسجين النشطة (ROS) مثل الأنيونات الفائقة (O2-)  والهيدروجين بيروكسيد (H2O2) والجذور الهيدروكسيلية (OH·) والتي تسبب تلفًا مباشرًا على المكونات الخلوية الحساسة مثل البروتينات و الدهون والحمض النووي.

هذه المركبات النشطة تلعب دورًا ثنائيًا في حياة النبات حيث يمكن أن تكون مفيدة إذا تم التحكم في إنتاجها إذ تقوم بإشارات تحفيز الاستجابة الدفاعية في النبات ولكن عند زيادتها  فإنها تسبب تلفًا كبيرًا للخلايا.

آليات الدفاع الطبيعية ضد الشوارد الحرة في النباتات

للتغلب على أضرار الشوارد الحرة طورت النباتات أنظمة دفاعية فعالة تتضمن مضادات الأكسدة الإنزيمية وغير الإنزيمية. 

تشمل الأنظمة الدفاعية الإنزيمية في النباتات

1. إنزيم سوبر أكسيد ديسميوتاز (SOD)

 يحول الأنيونات الفائقة (O2-) إلى أكسجين وبيروكسيد الهيدروجين مما يقلل من مستويات الأنيونات الضارة.

 

2. إنزيم الكاتالاز (CAT)

 يحول بيروكسيد الهيدروجين (H2O2) إلى ماء وأكسجين مما يمنع التراكم الضار للبيروكسيد.

 

3. إنزيم البيروكسيداز (POD) 

 يحفز تحلل بيروكسيد الهيدروجين واستخدامه في تفاعلات حيوية أخرى.

أما الأنظمة الدفاعية غير الإنزيمية  فتتضمن مضادات الأكسدة الطبيعية مثل الفيتامينات (C وE) الكاروتينات  والفلافونويدات التي تلعب دورًا مهمًا في تحييد الشوارد الحرة ومنع تلف الخلايا.

كيف تساهم العناصر الغذائية في التخلص من الشوارد الحرة؟

تلعب العناصر الغذائية سواء كانت كبرى أو صغرى دورًا حيويًا في تعزيز قدرة النباتات على التخلص من الشوارد الحرة  إذ تعمل بعض العناصر الغذائية كمضادات أكسدة بينما يساعد البعض الآخر في تحفيز إنزيمات مضادة للأكسدة مما يقلل من تراكم الشوارد الحرة.

1. العناصر الكبرى (النيتروجين، البوتاسيوم، الفسفور) 

النيتروجين (N)

 يحسن من تركيب الأحماض الأمينية والبروتينات مما يزيد من قدرة النبات على إنتاج الإنزيمات الدفاعية مثل سوبر أكسيد ديسميوتاز و كما يعزز من كفاءة التركيب الضوئي و يقلل من تراكم الشوارد الحرة.

البوتاسيوم (K)  

 يعتبر عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على الاتزان الأسموزي داخل الخلايا النباتية  وهو ضروري لتقليل الإجهاد الناتج عن الجفاف والحرارة. 

البوتاسيوم يحفز أيضًا إنتاج الكاتالاز والجلوتاثيون وهما من مضادات الأكسدة الفعالة في التخلص من الشوارد الحرة.

الفسفور (P)

 يعزز من إنتاج الطاقة في الخلايا عبر دورة ATP و مما يدعم العمليات الحيوية الدفاعية ويحسن مقاومة النبات للإجهادات البيئية.

2. العناصر الصغرى (الزنك، المنغنيز، النحاس)

الزنك (Zn)

 يلعب دورًا مهمًا في نشاط الإنزيمات المضادة للأكسدة وخاصة سوبر أكسيد ديسميوتاز و التي تحمي الخلايا النباتية من الأضرار الناتجة عن الشوارد الحرة.

المنجنيز (Mn)

 يساهم في عملية التمثيل الضوئي ويقلل من إنتاج الشوارد الحرة و كما يعزز من تكوين مركبات الدفاع البيوكيميائية التي تحمي النبات من الإجهادات المختلفة.

النحاس (Cu)

 يُعتبر ضروريًا لإنزيم الكاتالاز و الذي يزيل بيروكسيد الهيدروجين الضار من الخلايا النباتية ويقلل من تأثير الأكسدة.

 

التغذية العلاجية لتحسين مناعة النبات ضد الشوارد الحرة

التغذية العلاجية هي مفهوم يعتمد على تزويد النباتات بالعناصر الغذائية التي تزيد من مناعتها ضد الأضرار الناتجة عن الشوارد الحرة والإجهادات البيئية  تشمل الاستراتيجيات المستخدمة في التغذية العلاجية:

1. التسميد المتوازن

يعتمد على تزويد النبات بالعناصر الكبرى والصغرى بجرعات مناسبة وفي الوقت المناسب.

تسميد النباتات بالنيتروجين والبوتاسيوم يساعد على دعم العمليات الحيوية وزيادة مقاومة الإجهاد.

من المهم أن تكون الكميات متوازنة  حيث أن نقص أو زيادة أحد العناصر يمكن أن يؤدي إلى ضعف عام في مناعة النبات.

2. إستخدام مضادات الأكسدة الطبيعية

 يمكن الإستفادة من المركبات المضادة للأكسدة مثل الكاروتينات والفيتامينات (C وE) الموجودة في النبات أو التي يمكن إضافتها عبر الأسمدة أو الرش الورقي لتحسين المناعة الذاتية للنبات.

رفع المناعة الداخلية والمستحثة في النباتات

1. المناعة الداخلية (الفطرية)

هي المناعة الطبيعية التي توجد في النباتات منذ البداية وتشمل هذه المناعة الحواجز الفيزيائية مثل جدران الخلايا والأغشية بالإضافة إلى المواد الكيميائية التي تُفرز لتعطيل نشاط الممرضات.

2. المناعة المستحثة

هي المناعة التي يتم تنشيطها عند تعرض النبات لمسببات مرضية أو إجهاد بيئي و يتم تحفيز هذه المناعة بواسطة مركبات طبيعية أو صناعية مثل حمض الساليسيليك وحمض الجاسمونيك. تساعد هذه المواد في تحفيز إنتاج البروتينات والمركبات الدفاعية التي تقاوم الأمراض.

الخاتمة

تعتبر الشوارد الحرة في النباتات من أكبر التحديات التي تؤثر على نمو وإنتاجية المحاصيل ومع ذلك يمكن تقليل أضرارها من خلال تعزيز المناعة الذاتية والمستحثة للنباتات بإستخدام التغذية العلاجية المناسبة و التغذية المتوازنة هي التي تحتوي على العناصر الكبرى والصغرى والمركبات المضادة للأكسدة تساهم بشكل كبير في تحسين قدرة النباتات على تحمل الإجهادات البيئية والتخلص من الشوارد الحرة.

بقلم م / محمد هنداوي